بطرس نباتي
كثيرا ما نسمع او نقرأ مقولة مفادها بان على رجل الدين او رجل الكنيسة ان لا يتدخل بالسياسة ، وانا فكريا وعمليا مع هذا المبدأ ، ولكن اغلب مستخدمي لهذه المقولة ، يستخدمونها ويتشبثون بها لغرض في نفس يعقوب ، كما يقال ، وغايتهم إبعاد رجل الكنيسة او رئاساتها ، ليس عن السياسة كمفهوم عام بل يريدون حجب دور رجل دين كعضو فعال في المجتمع في الدفاع ومؤازرة اتباع كنيسته او طائفته ضد كل من يحاول استغلالهم و التسلط عليهم من قبل الجماعات سواء كانت سياسية او مسلحة عندنا نحن كمسيحيين ، اما كمبدأ اساسي فهو يرجع الى مفهوم الفصل بين الكنيسة والدولة الذي تم تناوله بشكل علمي منذ القرن الثامن عشر . وساتي على شرح ذلك بالتفصيل ، مع الشك بان هولاء السياسين لا يهمهم اراء هولاء الفلاسفة الذين ساتي على ذكرهم ، لأنهم اصلا يقرأ احدهم غير ما منشور في مواقع التواصل الاجتماعي .
مسالة فصل الدين عن الدولة مبدأ قديم ظهر في يونان فلسفة ابيقور ثم انتقل الى اوروبا في كتابات الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (1704-1632). وفقًا لمبدأ العقد الاجتماعي الخاص به، والذي لا مجال لشرحه هنا .
في القرن السابع عشر ايضا ، أكّد على هذا المبدأ الفيلسوف الفرنسي (بيير بايل) (1647-1706 اضافة الى البعض من الإيمانيين في موضوع في الفصل بين الكنيسة والدولة ، على استقلال الإيمان عن العقل. و خلال القرن الثامن عشر، انتشرت أفكار لوك وبايل، ولا سيما تلك التي تعلّقت بالفصل بين الكنيسة والدولة، إذ روّج لها فلاسفة عصر التنوير. مثل مونتسكيو قد كتب عن التسامح الديني والفصل بين الدين والحكومة إلى حدّ ما في عام 1721، كما ] دافع فولتير عن الفصل إلى حدّ ما، لكنّه أخضع الكنيسة لاحتياجات الدولة في نهاية المطاف. أمّا دنيس ديدرو فكان من أنصار الفصل التام بين الكنيسة والدولة، إذ قال (المسافة التي تفصل بين العرش ومذبح الكنيسة لا يمكنها أن تكون أكبر من اللازم)
اما عندنا فقد كان اغلب السياسين المؤدلجين يستشهدون بمقولة اغا بطرس ، يقال بانه خاطب مار بنيامين ( البطريرك ) بقوله ( خذ انت الصليب ودع السيف لي )، واذا كان قد قالها فعلا فان اغا بطرس كان يقصد ، بان يدع مسالة الحرب وقيادة الاشوريين له ، ويظهر بان اغا بطرس كما يشير بعض المؤرخين قد وقع تحت تاثير علماء العقد الاجتماعي بمسالة فصل الكنيسة عن الدولة وخاصة الفرنسيين لصلته الوثيقة بالثقافة الفرنسية ، لذلك نرى معظم السياسيين عندنا ، لا زالو يرددون بان على رجل الكنيسة ان لا يتدخل بالسياسة ، السياسة ليست تلك المؤدلجة بالنسبة لتدخل رجل الدين كما هي او كما يراها بعض السياسيين العراقيين حيث نجد هذه المقولة تتصدر حتى العديد من الكتابات في المواقع الالكترونية ، واثناء اللقاء على قناة الفرات كرر ضيف البرنامجين
( السيد اسوان ) شقيق ريان الكلداني هذه المقولة : على ان البطريرك لويس ساكو يتدخل بالسياسةخخ واذا هو رجل دين لا يحق له التدخل بالسياسة فاذا اراد ان يكون سياسيا. على حد قوله ( لينزع ملابس الكهنوت وصليبه ليتدخل بالسياسة ) ، وكنت اتمنى ان يوجه السيد (اسوان ) هذا الكلام الى الامام مقتدى الصدر والامام السيد السيستاني وللسيد عمار الحكيم. ومجموعة المعممين. ان يقول لهم اخلعوا عماماتكم ، ولا تتدخلوا بالسياسة ، هل كان يجرؤ يا ترى ؟ ، بالمفهوم السياسي العام وبالدفاع عن مصالح المواطنين الا يتدخل بطاركة لبنان بالسياسة وعلى راسهم. الباطريرك الماروني الحالي بشارة بطرس الراعي و الباطريرك الذي قبله نصرالله بطرس صفير هولاء الذين كانوا يقودون العملية السياسية في لبنان ، هذا القول لم اكن اتصور يصدر من انسان رشح نفسه وفاز بعضوية برلمان العراق . اي ليكون ممثل في كوتا( المسيحية). وليست كوتا قومية كما كنا ندعوا لها ، ولا من اي انسان يفتهم ماهية السياسة ، فهل هذا السياسي البارع هو كان سببا في تنصيب رجل دين حتى يحكم عليه بنزع الملابس الكهنوتية. وصليبه و بهذه البساطة ، فالذي يؤمن بهذا اي عدم تدخل رجل الدين بالسياسة براي اما هو لا يفتهم باي علم من العلوم السياسية ، او هو يكيل بمكيالين يجيز لرجل الدين الشيعي والسني تدخله بالسياسة وتسيير شؤون الدولة ولا يجيز لسيدنا ساكو ان يتدخل حتى في بعض الامور العامة ، فالسياسة هي احد فروع العلوم الاجتماعية ، لها علاقة وثيقة بالفكر الانساني ، واي انسان عاقل يفكر يجب ان يتجه تفكيره نحو السياسة بمفهومها العام ، فمثلا اي رجل دين لا يسعى الى تحسين معيشة وحياة المواطن ، اي رجل دين يسكت عن الظلم اذا ما استفحل في المجتمع ، اي رجل دين عندما يرى المنكر لا يسعى الى تغيره سواء بيده ( اي بالقوة ؟ او بلسانه ( اي بالخطب والتوجيه) وهذا اضعف الايمان ، اصلا من واجب رجل الدين ان يغير ما استطاع ويؤثر ايجابا على المجتمع الذي يعيش فيه ومن واجبه التصدي لاي نظام ييستفحل فيه الظلم ، سوالي الى هولاء الناس الذين يودون عزل رجل الدين في صومعة او مغارة بحجة
( عدم التدخل ) لماذا استشهد شهداء المسيحية ، الم يقفوا ضد الظلم وتعسف الانظمة ؟ ، هولاء الانظمة كانوا شوفينيين في عباداتهم في تصرفاتهم في اذلالهم لشعوبهم. نيرون احرق روما. وملوك الفرس اهدروا دماء الشعوب ، من تصدى لهم ؟ غير المؤمنين العزل الذين ضحوا بدمائهم وبتحريض مباشر وتدخل من قبل الاكليروس طبعا ؟ هل لو رضخ الشهيد ادي شير ومار قرداخ الاربيلي و الاب رغيد والمطران الشهيد فرج رحو ( اصلا الشهيد المطران ضحى بنفسه من اجل مواقفه الصلبة في مقارعة الظلم والتعسف وموقفه في البقاء في ارض ملتهبة مثل نينوى التي كانت تلتهمها نيران الاحقاد والضغائن ) ومعه طبعا جميع شهداء المشرق لانه استشهدوا من اجل رفض الظلم هل هولاء إذا كانوا قد عزلوا أنفسهم في صومعات وكهوف ؟ هل كانوا يا ترى يتعرضون الى الاضطهاد و التعذيب والاستشهاد ؟
بربي لو البطريرك لويس ساكو اكتفى بأن يكون كأي اسقف اخر ( من الذين يعبدون السلطة من اجل قطعة ارض او مصلحة ) او اي راهب سجين صومعته ، ، لمًا تعرض لمثل ما يتعرض اليه الان ولكن لانه( يتدخل بالسياسة) بمفهومها العام وليس بالمفهوم الذي يفهمه سياسيو الغفلة ، يظهر بان ما يسمونه بتدخل الباطريرك لويس ساكو بالسياسة اثر على ممارسة سيادة الفساد والتعسف والاستئثار بالوظائف والمراكز ، هكذا تدخل لا يعجب هذا البعض طبعا . لذلك يريدون ان يسكتوه ، يريدون منه ان لا يساعد جماعة المتظاهرين في ساحة التحرير ولا يصعد مع المعارضين لما تدعى سيارات (التوك توك ) احتجاجا على تدني حياة المواطنين ، ولا يوزع الطعام والمساعدة على المحتاجين. و ان لا يقول الحق بوجه الظالم ، لهذا يطلبون منه ان لا يتدخل بالسياسة ..