الفوز الحقيقي… متى يكون للشعب؟

انتهى التصويت، وانتهت معه مرحلة الانتظار، لكن المفارقة تتكرر كل مرة: كل حزب يعلن فوزه، حتى أولئك الذين لم يحصلوا على الأصوات الكافية. تبدأ الصراعات والاتهامات، وتنتهي بأصوات الرصاص التي تعلن نهاية فرع أو مقر، وكأن النصر لا يُكتمل إلا على حساب الآخر. وفي خضم هذا الضجيج، يغيب الاهتمام بالمريض والمصاب، فلا أحد يسأل عن الجرحى أو المتضررين، فـ”ليس المهم الإنسان… المهم هناك الفائزون”. “كل واحد أصبح اتباعك بصفقة وهلال وطلقات نارية” — عبارة تختصر واقعًا مريرًا، حيث تتحول المواقف إلى صفقات، والولاءات إلى مزادات. ثم نراهم، هؤلاء الذين لم يتعبوا في حملات أو ساحات، يتجمعون في بغداد، حيث تُملأ الجيوب بالمال، وتُوزع السيارات الفاخرة كأنها غنائم، بينما يبقى من تعب وحث أبناء بلده على التصويت مهمَّشًا أو منسيًا. أما الخاسر، فلا يجد سوى اتهام الآخرين بالتزوير أو المؤامرة، وكأن الانتخابات مجرد ساحة لتبادل اللوم لا لبناء وطن. لكن السؤال الأهم، كما قلت: “هل هؤلاء في بغداد يدافعون عن رواتب المدخرين؟ أم يقلصون الضرائب عن الشعب؟ هل يمنعون إيقاف العلاوة والترفيع؟ وهل يتم تثبيت التعيينات المؤقتة؟” أسئلة مؤلمة، لا تبحث عن إجابة بقدر ما تكشف واقعًا مؤسفًا. فالسلطة في بلادنا أصبحت غاية لا وسيلة، والمناصب طريق للنفوذ لا لخدمة الناس. كأن المواطن، الذي وقف تحت الشمس وأدلى بصوته، أصبح آخر من يُفكر به. إن ما يحتاجه العراق اليوم — وكل جزء منه، وبالأخص إقليم كوردستان — ليس فوز حزب على آخر، بل فوز الشعب على الفقر والفساد واليأس. نحتاج إلى من يرفع الغبن، ويعيد للوطن هيبته، وللمواطن كرامته، بعيدًا عن الشعارات الفارغة والمصالح الضيقة. الفوز الحقيقي لا يُقاس بعدد المقاعد، بل بعدد الضمائر التي ظلت نقية، وعدد القلوب التي ما زالت تؤمن أن الوطن يستحق أكثر من هذه الفوضى.

بقلم صباح پلندر

شاهد أيضاً

“آشوريون من أجل العدالة” تدين هجوم كورمور وتدعو بغداد وأربيل لرد حاسم ضد الأجندات الخارجية

أدانت منظمة “آشوريون من أجل العدالة” بشدة، الهجوم المسلح الذي استهدف حقل غاز “كورمور” في …