ولدي العزيز (صباح بلندر)

‎ولدي العزيز ‎أنت برعم حياتي الذي نبت من جذورنا ، كن بعيدا عن معاناة وطني وخذ حذرك من الذي يأتونك بحلو الكلام ويضللونك ويرحلوا ، فها الأيام والأشهر والسنين كانت لها نهاية وقد مضت ورحلوا معها الكثيرين ممن كانوا يعادون الظالم وهم مشتاقون للحرية كعشق الفراشة الى عطر الورود وكمثل البلابل وهي تغرد في أقفاصها للربيع ولكن يا ولدي هوت الحرية ولم يبقى منها إلاَّ الاسم وذابت كما يذوب الثلج في قمم الجبال وشاهدنا كيف السجان لا يرحم مع المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ويريد أن يعيش كما يريد ولا يفكر بان الله قد خلق عباده وهم أحرار . ‎ عزيزي وفلذة كبدي، لاتفكر وانت في بلد الغربة بوطن منهوب لا مكان فيه لمن يريد أن يخدمه وقد وقع فريسة من لا يعرف معنى الوطنية وتجمعت عليه مجموعة لتحكمه ممن لم يكن لهم وطن ، نم قريرالعين حيث درابين بلدتي الجميلة التي كانت يوماً مبعث فخر وسرور ذهبت ولن تعود فلم يبقى من دكاكين الحلوى والبسكوت وصينية المعجون واللوزينة واللقم إلاَّ ذكرى في قلوب الطيبين ، أما البيادر التي كنت تلعب فيها مع ابناء محلتك وانتم من التعب عائدون الى بيوتكم ، اخذتها الرياح الصفراء الغادرة واما البساتين التي كنت تقطف منها البطيخ والترعوزي تحولت الى كراج سيارات وبحثت فلم اجد فيها اثار لقدميك… اناشدك أن لا تفكر كثيراً وانت تعيش في بلد الغربة وليس وطنك الحقيقي ولا تشتت افكارك في غربة الطبيب المعالج وهو يعالج المرضى مجاناً في المستشفيات وما أكثر العوائل التي لها طبيب وهي تخدم في وطن غير وطنها حيث هربت من بطش حكامه . لا تفكر بانك ضحية الوطن بل ضحية أناس لم يملكوا يوماً سلاماً في دواخلهم وإن كان الانسان أن يعيش حرا آمناً ، نعم ياولدي لم يكن ذنبك انت كنت طفلًا بريئاً عاشقاً اللعب مع من في سنك ،بل الذنب كان ذنبي عندما أمنت بان للحرية مطلب وازاحة الدكتاتورية فريضة لذا كنتُ سببًا بان تمشي معي وأنت طفل صغير بين الجبال وفي الوديان من دون مأوى وأنت حافي القدمين واصفرار وجهك من خوف أبناء الوطن الواحد ان لا ينهي في لحظة حياة والديك، وفي الليل كنت تتوسد الحجر وصوت الحيوانات يرن في أذنيك ومن الخوف والجوع لم تغفى عينيك وبين وقت لوقت كنت تقول : بابا لماذا نحن هنا لماذا تركنا بيتنا وماذا جرى لطيورنا ومن يعطيهم الأكل ومن يضع لهم كأس ماء ليشربوه وماذاعن دجاج والدتي وقد يتجمع حولها السارقون … . ‎نُمْ يا ولدي ،أعذرني فالذنب ذنبي وأنا أتحمل مسؤولية ما جرى لي ولكم لأني كنت غارق في حبي للأرض التي ترعرعت عليها وأخذت من السلف الصالح كل ما يستوجب التضحية من أجلها ومن أجل الوطن الغالي على قلوب محبيه وكنت اعشق الحرية ومعادياً للدكتاتورية التي قتلت افراد عائلتي ولكن للأسف الشديد بعد إقتتال الاخوة في الحزبين الحاكمين اصبحت أنا الهدف ولم اعرف من نهب داري البسيط والمليء بالذكريات الجميلة وسرقوا دون وازع من ضمير كل ما يحتويه ، فأخذ الخوف مني وفي قلبي غصة من أن لايصبكم أنتم اولادي كما اصابت عائلتي وبالأخص اخواتي اللواتي (رحمة الله عليهم)في عمر الورد … . ‎لا تسالني يا ولدي لماذا كل هذه المصائب وأرجو أن لا تذكرني بها ، لأني كنت مؤمن بان الحرية والسعادة لا تاتي إلاَّ في النضال مع الأبطال ولكن مع الأسف ما كنت أفكر به وما عملت من أجله حسبته قريب المنال ،وعندما استيقضت من سباتي وجدته بعيد عن المنال كبعد السماء عن الأرض … يا نبض قلبي يا ولدي اعمل جاهدا في بلاد لم تلد فيها وليس فيها مثوى(قبور) اجدادك ولكن تمتع بالحرية والحياة فلا احد يكرهك بسبب انتمائك الديني أو المذهبي او بسبب جنسك او القومية التي تنتمي اليها ،فلا احدا يستطيع ان يتهمك بشئ واعلم بأن القانون فقط يمثل العدل وهو صاحب القرار … ، اتذكر يا عمري ايام كنت في السجن كنا ننتظر الرحمة ونشتهي طعام الوالدة ولكن كلما كان السجان يفتح الباب كان القلب يقف من النبض وأفكر ومعي زملائي بأنها النهاية وهذا هو قدرنا … وكنت أتذكر فترة حملنا للسلاح ونحن في الجبال وطائرات العدو تقصف دون رحمة والمدافع تهز الصخور وليس لدينا رغيف خبز لنأكله وكنا ننتظر متى يأخذ الجوع منا مأخذه ونحن بعيدون عن اهلنا، كل هذا من أجل أن ياتي يوما ونحكم انفسنا بأنفسنا وننبذ الظلم لنعيش احراراً … وانت اليوم فئ الغربه بسبب ذلك الهم الكبير الذي عشنا معه ولم نتمكن من الهروب منه… . ‎عزيز بعض المرات تتلون الأرض بإشكال عدة فتغطيها أوراق الورود والاشجار المتساقطة ومع ألوان القوس والقزح يولد الفرح بعد المطر الشديد الذي كان يوَلّد الفيضانات والمتضرر الوحيد هو الفقير المالك لبيت بسيط واثاث يشمئز منها الاغنياء ، فلا تفكر بالأرض التي تركتها بالوانها الجذابة التي تمثل دم الضحايا من شبابنا وشاباتنا حيث لم يكن لهم المرشد بل كان لديهم من خدعهم وأقنعهم بأن الخلاص من الدكتاتورية يحول الوطن الى الجنة الموعودة ،ولكن !؟ عيش يا بني فتقرأ قصص من مآسي شعب فقير لا حول له ولا قوة . ‎بقلم صباح پلندر 18/6/2023

شاهد أيضاً

رسالة مفتوحة الى السيد مسرور البارزاني رئيس وزراء الاقليم، انقذوا سمعة حزبكم في عنكاوا

نشرت صفحة يدا بيد من اجل عنكاوا خبرا تداولته مواقع التواصل الاجتماعي حول تحويل ارض …